المادة    
السؤال: ما حكم من يقدم قول شيخه وجماعته على قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
الجواب: هذا سؤال لا تعلق له بموضوع الإيمان إلا من ناحية: إن كان السائل يقصد أن الإنسان إذا بلغه الحديث الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أعرض عنه إلى قول إمام أو شيخٍ أو مفتٍ، فإن ذلك يكون طعناً في إيمانه ونقصاً فيه، وهذا لا شك فيه.
فإن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو وحده الذي أمرنا الله تعالى بطاعته، وأمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نرده إلى الله ورسوله، وأما غير رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه مهما بلغ من العلم والاجتهاد، فإنه ليس له علينا الطاعة المطلقة، وإنما يطاع في الحق والصواب، وإذا أخطأ فلا يجوز لنا أن نتابعه فيه إذا علمنا أنه أخطأ، وهذا الحال يتفاوت ويختلف، فإن الإنسان منا -نحن طلبة العلم- قد يستطيع أن يحقق بمسألة من المسائل حتى يعرف الدليل القوي فيها على أي مذهب، فلا يجوز له حينئذٍ أن يعدل عنه إلى غيره، وأما العامي الذي يقلد إمامًا من الأئمة، ولا يدري عن هذه الأمور، فهذا غير ذلك، وكذلك -مثلاً- لو قيل لك بحكم من أحكام العبادات، كأحكام الصلاة ونحوها، على أدلة شرعية استطعت أن تعرف صحتها، فيجب عليك أن تتبع الدليل الصحيح، لكن لو أتيت في حكم من أحكام المعاملات -مثلاً- أو أي حكم اجتهادي محض، فلك حينئذٍ أن تختار رأي أحد الأئمة إن كنت لا تستطيع أن تعمل نظرك واجتهادك لتعرف هذه القضية.
فالمسألة فيها تفصيل، لكن الذي يهمنا -ونحن نتكلم عن موضوع الإيمان- أن نقول: إن من قدّم قول أحدٍ على قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كائناً من كان وقد اتضح لديه معناه نصاً، لأن الحديث قد يقبل معناه أكثر من احتمال لكن ما كان المعنى نصاً أو راجحاً، فإن هذا لا شك أنه دليل على ضعف إيمان هذا الرجل، ودليل على ضعف متابعته للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله تبارك وتعالى يقول: ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً))[النساء:65].
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وممن يؤمنون به حق الإيمان، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.